ان مشكلة الالغام في العراق شاهد حي على تركة لحروب الطويلة التي خاضها هذا البلد مخلفة ورائها الآف الكيلومترات المربعة من الاراضي الملوثة بأطنان من الالغام والآف المقذوفات غير المنفلقة تمثلت بحقول نظامية او بصورة عشوائية مبعثرة , تبلغ المساحات الملوثة بالالغام والقذائف غير المنفلقة للمحافظات الوسطى والجنوبية والغربية من العراق حوالي (1500)كم مربع وتحتل البصرة منها الصدارة بنسبة 46% تليها محافظة ميسان بنسبة 14% جاعلة من محافظات البصرة وميسان والمثنى في مقدمة محافظات العراق من حيث مساحات المناطق الخطرة .
تشكل الالغام والمقذوفات غير المنفلقة تهديدا مستمرا للسكان المدنيين والعمليات اعادة الاعمار والبناء  لانتشارها على مساحات واسعة في المناطق الحدودية والاراضي الزراعية والبنى التحتية . وما يفاقم الامر الافتقار الى خرائط نظامية لحقول الالغام وقاعدة بيانات حقيقية لها , خاصة مع احتمال تغير مواقع الالغام على مدار السنين بسبب العوامل الطبيعية من تعرية و وسيول وفيضانات ما يجعل من الصعوبة حصرها وتأشيرها خاصة في القرى الحدودية هذا من جانب , ومن جانب اخر فأن قلة وعي المواطنين وعدم ادراكهم لكيفية التعامل مع تلك الالغام والقذائف يفاقم المشكلة أضافة الى ماسبق فأن وجود المواقع الحاوية على الالغام والمقذوفات غير المنفلقة يمثل عرقلة المشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقد يورث الاف الضحايا الى جانب التسبب في اعاقات للناجين منها ما يتطلب اعادة تأهيلهم نفسياً وبدنياً واجتماعياً وايجاد المعينات البديلة لهم .
تسببت الالغام والقذائف غير المنفلقة في انحسار استعمال المساحات الزراعية وبالتالي تدني انتاج المحاصيل المهمة بسبب هجر الفلاحين لقراهم لاسيما الحدودية منها واللجوء الى اراض صحراوية قاحلة غير قابلة للزراعة  .
كما تسببت الالغام ايضاً في تلويث البيئة البحرية في شط العرب وهجر السكان لمناطق الاهوار والمستنقعات الاخرى في الاراضي الجنوبية من العراق بعد ان تم تجفيفها كما امتنع السكان عن ممارسة مهنة الصيد في المناطق المشكوك في تلوثها بالالغام وانحسرت الثروة السمكية .
 لقد كان لزراعة الالغام بالقرب من مشاريع الطاقة الكهربائية والمشاريع النفطية الى جانب انتشار الكثير من القذائف غير المنفلقة بالقرب من خطوط انابيب النفط والغاز وعلى جوانب الطرق والمسالك البرية والمنشأت العسكرية اثرها الواضح في الحد من حركة الناس وتعطيل كثير من مشاريع التنمية , ان تعرض الالغام والقذائف غير المنفلقة للازاحة من مواقعها بفعل عمليات التجوية والتعرية من سيول وانجراف التربة وبالتالي قربها من المناطق السكنية كما حدثت مؤخراً في محافظة المثنى اثر الامطار الغزيرة التي ضربت المحافظة وما نتج عنها من اصابات دفع المحافظات المعرضة لتلك المخاطر كمحافظة ديالى وميسان وغيرها الى طلب المعونة في التخلص من هذا الخطر .
 لاشك ان الانسان العراقي كان ولايزال المتضرر الاكبر بشكل مباشر من الالغام فالضحايا اعدادهم هائلة خاصة في المناطق الجنوبية من العراق فضلآ عن الاثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية لضحاياها ناهيك عما يمثله ذلك من اعاقة لعجلة التطور والتقدم للوطن